Oops...
Slider with alias none not found.
تمّ مُؤخرا بالعاصمة الرباط تتويج الشّاعر الإيطالي جوسيبي كونتي بـ”جائزة الأركانة العالمية للشعر”، التي يُقدّمها بيت الشعر في المغرب، وحصل عليها شُعراء بارزون، من بينهم: محمود درويش، محمد السرغيني، وديع سعادة، محمد بنطلحة، خواد، أنطونيو غامونيدا، تشارلز سيميك، محمد الأشعري، وفولكر براون. وفي الحفل الذي استقبلته المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، مساء اليوم الأربعاء 22 نونبر 2023، قال الشاعر جوسيبي كونتي: “إن هذه جائزة مهمة، أتشرف باستقبالها”، وشكر شعراء المغرب على هذه اللحظة التي قال إنه سيحافظ عليها كلحظة كبيرة في حياته. وتمسّك الشّاعر بالقصيدة “جسرًا روحيا بين الشرق والغرب”، ووصف مُعجزتها في كونها تنجحُ في “إعطاء صوت لمن لا صوت له” مثل الجدول والنهر، والقمر، مُضيفا أنّ الشعر “يذكّر بكل ما هو إنساني في الإنسان”، ويدافع “عن الضعفاء والمقْصيّين والمنسيين”؛ وتحدّث عن الفلسطينيين “الذين يعيشون سجناء في الأراضي المحتلة”، ويعانون من العنف ووضع لا يحتمل. وذكر الشاعر أن العالَم يعرف وجود قوى تنزع الإنسانية عن الإنسان، و” تريد أن تجعل الإنسان آلة و’زومبي’ (حيا ميتا)”؛ ووصف بـ”البربرية التي يجب مقاومتها” ما وصلت إليه الحضارة الغربية في العقود الأخيرة من انتصار للتسليع والاستهلاك والاقتصاد والماليات الدولية، ثم عبّر عن تشبّثه بـ” الشعر سفرا من الظلمات إلى النور والعجيب، وسفرا نحو اللامتناهي”؛ قبل أن يقول إن “الشعر والأسطورة يمكن أن يؤاخِيا الشعوب”. مراد القادري، رئيس بيت الشعر بالمغرب، قال إن الجائزة التي تحمل اسم “الأركانة” “رمز للصداقة الشعرية، تصلُ شعراءَ بلدنا المغرب بباقي شعراء العالم”، وتنتصر “للشعر في وقت يقف إلى جانب القيم النبيلة؛ قيم الجمال والمحبة والسلام الذي ما أحوج عالمنا إليه”. أما الشاعر حسن نجمي، الأمين العام لجائزة “الأركانة العالمية للشعر”، ذكر من جهته أن “الأركانة” تحتفي هذه السنة “بشاعر إيطالي كبير، شفيف النظرة، عميق العبارة، حليف للكلمة المضيئة، صديق للحياة”، وتابع: “هو من أبرز شُعراء الفضاء المتوسطي، وابن شرعي للشعرية الإيطالية الحديثة والمعاصرة، وهي شعرية تتكلم لغة من أجمل لغات العالم، ومن أكثرها موسيقية، هي بِكرُ اللغة اللاتينية”. وأضاف المتدخل أن المتوَّج “صديق غربي حُر للثقافة العربية، للشرق الحضاري والإنساني، وأحد المثقفين المعاصرين بأوروبا الذين عملوا على تجسير العلاقة بالثقافة والأدب المغربيين، وله صداقة متينة مع أدونيس، وشعراء كبار في المغرب والعالم العربي (…) ويعتبر اللغة العربية، والحضارة العربية الإسلامية، من مرجعيات كتابته ومتخيَّله (…) وتجربته الشعرية مدافعة عن الحق في الحياة (…) تنتصر لكلمات الشرف والكرامة والدفاع عن التربة والأرض والحرية، والوطن ترابا وإنسانا وتراثا وأساطير وذاكرة وتاريخا”. وفاء نعيمي إدريسي، رئيسة مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، الجهة الراعية للجائزة، فذكرت أن الأركانة “تعزز الدور الهام للدبلوماسية الثقافية في تعزيز مكانة بلادنا الثقافة والإنسانية، وهي تنشد قيم التسامح والإخاء والتعايش”، وزادت مهنِّئة “الشاعر الكبير، على مساره الإبداعي الطويل، ليمنح الإنسانية قصيدة عميقة ممتعة وقادرة على أن تساعدنا على فهم الحياة والعالم، وتعيننا على التواصل مع الذات والآخر”. في كلمة الأكاديمي والمترجم سيموني سيبيليو، رئيس لجنة التحكيم، أشار إلى “الجودة الشاملة” لعمل الشاعر المتوَّج “وكثافته الغنائية، وعمقه التأملي، ونفسه الكوني، واحتفائه بالعناق الرمزي بين الشرق والغرب، واختراق البعد الإنسانيِّ للحدودِ مهما كان نوعها”، وواصل كاشفا ماهية شعره “الغارق في الأسطورة والمقدس، وتمثل الطبيعة بمجملها”. وأوضح رئيس لجنة التحكيم إلى أن مفتاح شعرِ جوسيبي كونتي كونه “إعادةَ البناء الأسطوري لمعاني العالم”، بتصور للقصيدة بوصفها “النور الذي ينير الظلام، ويجعل غير المرئي مرئيا”، قبل أن يختم بالقول: “شِعرُه يعطي صوتا لمن لا صوت له (…) ويبحث عن الجمال المحافظ على البعد الأخلاقي العميق، ليكتب عطاءات خيالية جديدة، منغمسة في التقاليد” , جدير بالذكر أن جوزيبي كونتي راكم تجربة مهمة في الكتابة ترجمتها أعماله الشعرية المتعاقبة: “المواسم” (1978)، “أبريل الأبيض الأخير” (1979)، “المحيط والطفل” (1979)، “الشاعر والرسول” (1992)، و”حكايات الشرق والغرب” (1997)، و”رسالة إلى اليائسين من الربيع” (2002)، ونصوصه السردية “الربيع المشتعل” (1980)، و”أيام الليل” (1990)، “والضابط الثالث” (2007) و”المومس” (2008)، ودراسته “أراضي الأسطورة” (1994)، و”الرجل الذي أراد قتل شيلي”. (2008) و”الشر جاء من البحر” (2013)، و”بلا قلب” (2019) وغيرها. كما نهل جوزيبي من الموروث الثقافي العربي، باحثاً عن آفاق روحية مختلفة، خصوصاً بعد سطوة الحياة المادية في أوروبا. وتقاطع بشكل لافت مع الثقافة الصوفية في العالم العربي والإسلامي، إلى حد أنه اختار الاسم المستعار “يوسف عبد النور” ليصدر به “أغاني الشرق”. شهد حفل جائزة الأركانة العالمية للشعر حضورا نوعيا متميزا، حيث استقطب جمهورَ المثقفين والأدباء والشعراء والإعلاميين والناشرين وعددا من الطلبة والمهتمين بالحركة الثقافية من داخل الرباط ومن خارجها.